رؤى
أوبك في الأخبار العالمية: صعود مرتقب أم ضجة إعلامية؟
حسب Paul Reid
22 فبراير 2023

يُظهر أحدث تقرير شهري صادر عن منظمة أوبك أن إنتاج النفط الخام تراجع بنحو 49 ألف برميل يوميًا. تسبب ذلك في تراجع معدل الإنتاج إلى متوسط 28.8 مليون برميل في اليوم خلال يناير، هذا بخلاف اعتزام المملكة العربية السعودية خفض إنتاجها بنحو 156 ألف برميل يوميًا. كيف سيكون رد فعل الأسواق؟ بالطبع الإجابة جاهزة والجميع يعرفها.
العرض والطلب
أي شخص يتداول النفط - سوف يخبرك بأنه كلما انخفض الإنتاج تغيرت معدل ات العرض والطلب بشكل ديناميكي وبالتالي ترتفع أسعار النفط الخام. وبعد فترة وجيزة، يشعر سائقو المركبات في كل مكان بضيق شديد. هل نتوقع حدوث ذلك في عام 2023؟
في عام 2017 أصدرت أوبك والدول غير الأعضاء قرارًا بخفض معدلات إنتاج النفط لتصل إلى 1.8 مليون برميل في اليوم. تراجع معدل الإمدادات، أجبر الدول على دفع مبالغ باهظة طوال عام 2017. العالم كله كان على علم بحدوث ذلك. سجلت معدلات الطلب حينها مستويات غير مسبوقة لترتفع أسعار النفط من 42 دولار في يونيو إلى 66 دولار. وبالفعل نجحت خطة أوبك في رفع الأسعار.
ارتفعت الأسعار بوتيرة متسارعة بحلول عام 2020. وخلال الربع الأول من العام تراجعت أسعار النفط لمستويات عام 1999. بعد انخفاضه من 63 دولار للبرميل إلى 14.00 دولار، طالبت الجهات المعنية في أوبك باتخاذ قرار حيال ذلك.
وبالفعل خفضت أوبك إجمالي إنتاج النفط الخام بنحو 9.7 مليون برميل في اليوم في الفترة ما بين مايو ويونيو من عام 2020. وأشارت المنظمة إلى أن قرارها هو محاولة لتقليل المعروض العالمي المفرط على أمل تثبيت أسعار ال نفط المتدنية للغاية. ملحمة كبرى تتشكل.
أبريل 2020. كان لخطة خفض الإنتاج تأثير كبير في رفع الأسعار لمدة عامين، حيث ارتفعت إلى 110 دولار للبرميل في مايو من عام 2022. لم تقتصر خطة أوبك على تحسين عائداتها فحسب، بل ارتفع العائد ملامسًا أعلى مستوى له في 10 سنوات.
أثارت الأسعار الجديدة حفيظة الحكومات في كل مكان مما استدعى تدخلًا سياسيًا. هل سيتكرر السيناريو ذاته في عام 2023 أم لا؟
تعاملت جميع وسائل الإعلام العالمية الكبرى مع إعلان خفض النفط وكأنه تحرك كبير من جانب أوبك. لكن لا يوجد شيء ذو جدوى يمكن التعويل عليه، ويجب على المتداولين توخي الحذر.
ضجة ارتفاع أسعار النفط
منذ اللحظة الأولى التي أُعلن فيها عن رفع أسعار النفط، اتجهت أنظار الآلاف من المتداولين والصحفيين الماليين إلى الخبر... على الأرجح مع توقع حدوث موجات صعودية في المستقبل.
حينها صرح وزير الطاقة والصناعة السعودي خالد الفالح بقوله
"لقد درسنا سيناريوهات مد خطة خفض الإنتاج لفترات تتراوح ما بين 6 إلى 9 وحتى 12 شهرًا وأخذنا بعين الاعتبار خيارات تطبيق المزيد من معدلات خفض الإنتاج... جميع الدلائل القوية تشير إلى أن خطة التمديد لمدة 9 أشهر هي الأقرب للحدوث ويجب علينا إتمام ذلك خلال خمس سنوات بحلول نهاية العام"
متوسط خمس سنوات! تحتكر الدول الأعضاء الـ 13 أسعار النفط بشكل شبه كامل، في وقت يحتاج العالم فيه إلى المزيد. أوبك وإن كانت تمتلك القدرة على تحديد السعر عند أي مستوى تقريبًا من خلال الضغط على سلسلة التوريد، إلا أن هناك مستويات يمكن أن تؤدي إلى التدخل أو الغزو، لذلك تحاول أوبك عادةً أن تتسم بالعقلانية.
ميثاق منظمة أوبك يهدف للحفاظ على أسعار النفط عند متوسط 5 سنوات... اتفاقية تثبيت الأسعار المعمول بها حاليًا. كان متوسط السنوات الخمس الماضية عند 67 دولار للبرميل. بلغ سعر النفط وقت كتابة هذا التقرير، 78 دولار للبرميل. فوق المتوسط. من الصعوبة تبرير خفض جديد للإنتاج. لكن السؤال الآن هل هو خفض في الإنتاج أم مجرد تعديل خارج كل المقاييس؟
الضجة الإعلامية لا تتوافق مع المعطيات الحسابية
تتجه أنظار وسائل الإعلام المالية الآن صوب النفط. حتى أن المواقع الإخبارية العالمية تتحدث عن "100 دولار للبرميل" خلال الأشهر المقبلة. قد يشكل ذلك حافًزا قويًا لجذب المستثمرين والمتداولين للشراء. لكن قبل تنفيذ ذلك، أعد التفكير في الأرقام.
عملية خفض الإنتاج بنحو 1.8 مليون برميل رفعت سعر النفط الخام بنحو 24 دولار.
كما أن تقليص الإنتاج بنحو 9.7 مليون رفع سعر البرميل إلى 93 دولار.
ما يعني أنه مع كل تخفيض يتراوح بين 75,000 و 100,000 برميل في اليوم، يرتفع سعر النفط الخام بمقدار دولار واحد. مع العلم أن التقليص الأخير كان 49,000 برميل في اليوم فقط، مع خفض مستهدف قدره 156,000 برميل في اليوم. حسابيًا، فإن خفض المعروض من النفط له تأثير ضعيف جدًا على حركة تقلبات السعر على مدرا اليوم، هذا إن اعتبرناها موجودة في الأساس.
لا بد أن نضع في الحسبان أيضا أن نيجيريا وأنغولا قد زادتا من معدل الإنتاج بنحو 112 ألف برميل في اليوم، مما تسبب بشكل كبير في الحد من المخاوف المتعلقة بخفض الإنتاج.
الخلاصة
عند الحديث عن التداول، يجب عدم التسليم بصحة كل ما يدور في الإعلام بغض النظر عن مدى مصداقية المصادر. بالطبع، كل هذا الضجيج الإعلامي سوف يؤثر على معنويات السوق وحركة السعر. لكن إذا لم يكن هناك أي محفز حقيقي للارتفاع فمن المحتمل أن تكون حركة الصعود قصيرة الأجل.
أسعار النفط رهن حركة شد وجذب العديد من المصادر المؤثرة. بدءًا من الاقتصاد إلى السياسة وحتى أرباح الشركات، هناك الكثير والكثير من العوامل التي لا بد من متابعتها عن كثب؛ لذا تابع بدقة وبشكل مستمر الأخبار والتحليلات الأساسية قبل التفكير في التداول في النفط.
هذه ليست نصيحة استثمارية. الأداء السابق ليس مؤشرًا على النتائج المستقبلية. رأس مالك في خطر؛ يُرجى التداول بمسؤولية.
الكاتب

Paul Reid
Paul Reid صحفي متخصص في القطاع المالي يكرس خبراته العملية في البحث عن الأسرار الخفية التي يمكن أن تمنح المتداولين مزايا فريدة. يركز Paul بشكل أساسي على سوق الأوراق المالية، لتحديد التحولات الرئيسية في الشركة معتمدًا على خبراته الكبيرة في أسواق المال والتي تمتد لأكثر من عقد من الزمن.
مقالات ذات صلة
الرجوع إلى جميع المقالات